اخبار التعليم

قطار الدروس الخصوصية في مصر

احجز مساحتك الاعلانية

بقلم : أمير شفيق حسانين

تبدأ منظومة الدروس الخصوصية في مصر ، في منتصف شهر يوليو من كل عام لطلاب الثانويه العامه ، وتزداد إنتشاراً في أول أغسطس لطلاب الإبتدائية والاعدادية ، ثم تتوقف لمدة شهر أو يزيد قليلاً مع الانتهاء من تأدية الطلاب للامتحانات ، إلي أن يأخذوا قسطاً من الراحة والترفه والذهاب للمصايف ، ثم يعاودون البدء في دروسهم المنزلية في ميعادها كالمعتاد .
ويتحرك قطارالدروس الخاصة من أولي محطاته برياض الأطفال مروراً بمحطة التعليم الأساسي بكلتا حلقتيه الابتدائية والاعدادية ، وانتهاءاً بآخر محطاته حيث التعليم الثانوي العام والفني بكافة أقسامه ، والمعروف أن الهدف الأساسي والمقصود من الالتحاق بقطار الدروس الخاصة – خارج المدرسة – هو محاولة تقوية وتحسين الطالب الذين يعانون من ضعف في المستوي العلمي والتحصيلي ، أو هؤلاء الطلاب الذين لديهم بلاده واضحة في استيعاب ما يلقي عليهم داخل الفصل من شرح ومعلومات ومسائل ، تحتاج لتفسيرها علي مهل ، بعيداً عن جو الفصول المزدحمة بمدارس مصر .
ولعلك تشاهد الاعلانات الورقية الملصقة علي الجدران والحوائط والأسوار في كافة شوارع مصروعلي المباني والمحال التجارية ، ويكثر انتشار الإعلانات في مناطق تجمع المواطنين للفت انتبهاهم ، حيث تحمل تلك الإعلانات ، بيانات كل معلم ، وتوضح مؤهلاته ومهاراته ، بل وتوجد بالاعلانات عنوان وأرقام هواتف كل معلم للحجز والاستعلام ، ويقوم كل معلم بإطلاق لقب ضليع علي الاعلان الخاص به ، قتقرأ مسميات مختلفة داخل كل إعلان ، مثل الكينج في الإنجليزية أو البروفيسور في الفرنسية أو الفيلسوف في الفلسفة ، أو الإمبراطور في التاريخ ، أو الفارابي في اللغة العربية ، أو الخوارزمي في الرياضيات ، وذلك من باب الدعايا والتفخيم لشأن ولخبرات كل معلم منهم .
وتراقب معلم الدرس الخاص، وهو يبدأ أولي خطواته العمليه ، بالذهاب إلي البيوت ، بدراجة قديمة وصغيرة لإعطاء درسي خاص لطلاب متوسطو الحال ، ثم يستبدل الدراجة الهوائية ، بدراجة بخارية لتوفر له المزيدً من الوقت ، ثم تمر السنوات ، فتتحسن الحالة المادية من عائد الدروس الخصوصية ، فيبادر بشراء سيارة – ولو موديل قديم- كي تحفظ هيبته أم باقي المدرسين ، أما القدامي من أباطرة الدروس الخصوصية فتجد منهم من يركب التمساحة ، وآخر يستقل السيارة المرسيدس السوداء ، أو الأوبل الفاخرة ، والثالث يركب السيارة الأحدث موديل ، والأغلي ثمناً ، بل يكون في إمكانهم من يشتري أكثر من سيارة إذا أراد ، وأكثر من شقة في أرقي الأحياء السكنية بما لديه من أموال وفيره .
وكثيراً ما نجد فرقة من المعلمين ، وقد فتح الله عليهم ، بالأعداد الغفيرة من طلاب الدروس الخاصة ، فيقوموا بتقديم استقالتهم من مدارسهم أو الحصول علي أجازة شبة مفتوحة ، بأي سبب وهمي ، حتي يتفرغوا تفرغاً كاملاً لمزاولة مهنة الدروس الخصوصية ، دون قيود ، فتري هؤلاء المدرسين يخرجون من بيوتهم ، مع شروق الشمس ، ويتنقلون من بيت إلي بيت لتغطية أكبر قدر من الدروس للطلاب ، ولا يعودون لبيوتهم إلي عندما يحل سكون الليل المظلم ، حتي أن أحد المعلمين أخبرني بأنه لايجد وقتاً لخلع حذاؤه عند العوده لبيته من شدة التعب اليومي .
حتي أن معلماً آخر ، كان يعود إلي منزله في وقت متأخر كل ليله ، ليرتمي علي أريكه صغيره في مدخل البيت ، ويضع بجواره دراجته البخاريه ، لا يتمني إلا النوم والراحة من شدة التعب والإعياء .
ورغم كل هذا ، فالمعلم المصري وخاصة المعلمون المستقلون ، الذين لا يعملون في أي مدرسة ، يرغبون أن يقننوا أوضاعهم من حيث عملهم بمراكز الدروس الخصوصية التي تنتوي الدولة اغلاقها ، ومن ثم فلن يكون لهم دخل آخر لينفقوا منه علي أسرهم ، فلعل وزير التعليم يسعي لمساعدة هؤلاء ، ومثلهم من يعطون دروساً خاصة بالبيوت ، فيكون ذلك الترخيص قانونياً مثله مثل عيادة الطبيب ، وصيدليات الصيادلة ، ومكاتب المهندسين ، فلا دافع إذن ، لمحاربة معلمو الدروس الخاصة الذي يسعون علي أرزاقهم من تلك المهنة الشاقة ، بدلاً من البطالة أو الإشتغال بمهن أخري تحُط من قدرهم ، وتعليمهم الذي تعلموه !!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى